المهندس الصغير
حينما
كنت طفلا صغيرا، كان يحلو أن أفكّك كلّ لعبة تقع تحت يديّ فيالبيت...
و كان الجميع يحذرون مني و الويل لمن يغفل عن شيء هنا أو هناك ! و إذاعملت
عملا لا يروق لهم، يقولون لي في حنق: "ماذا فعلت أيها المخربالكبير؟"لم تعجبني هذه الصفة و قررت أن أظهر لهم أنني مهندس كبير. فكّرت في
عمليرفعني درجات في أعينهم، و يحملهم
على تقدير موهبتي و عبقريتي. و من حسن حظيالسّعيد
أن تعطّب مذياع أمّي الصغير فألقاه إليّ أبي قائلا: "أرنا ماذا تستطيع أنتعمل
أيّها المهندس الكبير!" قالها أبي بسخرية، و قبلت الأمر بتحدّ، فقلت له جادا: "يلزمني
مكواة و لحام" لم يصدّقني أبي و ظنّني أهذي كمن أصيب بحمّى، و رغم ذلك لبّىطلبي
و مكّنني من المكواة و اللّحام.خلوت بنفسي في غرفتي، و شخّصتالخلل و
حدّدت مكانه إنّه سلك مقطوع من لحامه، حاولت لحمه فنجحت و قلبي يرجف خوفامن
الفشل، ثمّ أدرت الزر فانطلق من المذياع صوت دخل أذنيّ كتغريد طيرجميل.هرعت إلى أبي و قلت له بحماس و انفعال:" لقد نجحت يا أبي و كسبتالرّهان!"
نظر إليّ أبي نظرة افتخار و ربّت على كتفي و قال لي الجميع: " أحسنت أيهاالمهندس
الصغير"